عادات الاستماع الآمن للوقاية من فقدان السمع الناجم عن الضوضاء

اقرأ فكرة الجمعة, ديسمبر 09, 2022 الثلاثاء, يناير 17, 2023
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال: ازدياد مخاطر الإصابة بفقدان السمع الناجم عن الضوضاء والأصوات العالية بين فئة الشباب، فما هي هذه المشكلة؟ وكيف يمكن الوقاية منها؟
-A A +A
فقدان السمع الناتج عن الضوضاء والأصوات العالية

إن حاسة السمع من الحواس المهمة، والنعم الإلهية العظيمة، التي قد لا يدرك قيمتها وأهميتها إلا من يفقدها، أو يعاني من مشاكل فيها.

وككل الحواس الأخرى، فإن حاسة السمع أيضاً تحتاج من الإنسان إلى نوع من الرعاية والاهتمام، ولا سيما في يومنا هذا، لضمان بقائها سليمة، ولتجنب التعرض لمشاكل فقدان السمع وغيرها.

إلا أننا قليلاً جداً ما ندرك هذا الأمر، وكثيراً جداً ما نعرض أنفسنا لعوامل وأسباب قد تؤثر بشكل سلبي على آذاننا، وحاسة السمع لدينا.

إحصائيات مهمة بخصوص فقدان السمع

فبحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، فإن عدد الناس الذين يفقدون السمع يزداد بوتيرة عالية ومستمرة، إذ تشير تقديراتهم إلى أن هنالك في الوقت الحالي ما يقارب من 466 مليون شخص في العالم يعانون من عجز فقدان السمع، من بينهم 34 مليون طفل.

وتُشير التقديرات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية إلى أن هذا العدد مرشح للوصول إلى 630 مليون شخص بحلول عام 2030 ما لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه الزيادة.

الأصوات العالية والضوضاء من أهم عوامل الخطر لفقدان السمع

وبحسب الدراسات والأبحاث الحديثة فإن أهم عامل من عوامل الخطر للإصابة بفقدان السمع في يومنا هذا، والذي يمكن الوقاية منه، هي عادات وممارسات الاستماع غير الآمن التي انتشرت بشكل كبير في مجتمعاتنا، ولا سيما بين فئة الشباب.

حيث إن الخلايا المسؤولة عن إدراك الأصوات في الأذن الداخلية للإنسان قد تتلف بشكل دائم غير قابل للرجعة إذا تعرضت لأصوات حادة وصاخبة، مما قد يؤثر سلباً على قدرة الفرد على السمع.

التأثير السلبي للانتشار الكبير للأجهزة الإلكترونية على حاسة السمع

وأحد أهم الأسباب التي تجعل عادات وممارسات الاستماع غير الآمن تشكل تهديداً كبيراً على حاسة السمع في وقتنا الحالي، ولا سيما بين فئة الأطفال والشباب، هو الانتشار الواسع والكبير للأجهزة الإلكترونية، وأجهزة الاستماع الشخصية، مثل الهواتف الذكية وأنظمة الصوت المكتبة وغيرها.

حيث تُشير التقديرات إلى أن 50% من مستمعي الموسيقى عبر أجهزة الاستماع الشخصية يفعلون ذلك بمستويات تعرض قدراتهم على السمع للخطر.

دراسة حديثة حول تأثير الصوت العالي على حاسة السمع لدى الشباب

كما وجدت دراسة جديدة نُشرت نتائجها في مجلة BMJ Global Health أن ما بين 670 مليون إلى 1.35 مليار شخص تتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 34 سنة يمارسون عادات استماع غير آمنة لصحة الأذن، مثل الاستماع إلى الموسيقى أو البودكاست أو مقاطع الفيديو بصوت عالٍ جداً، وكذلك حضور أحداث ومناسبات صاخبة، والتي تعرضهم لخطر فقدان السمع.

حيث راجع الباحثون أكثر من 30 دراسة مختلفة تم إجراؤها بين عامي 2000 و2021 لقياس وتقييم عادات الاستماع لدى فئة الشباب، ووجدوا أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 35 عاماً يستمعون بشكل روتيني إلى محتوى صوتي على أجهزتهم الإلكترونية بمستوى 105 ديسيبل، وأن مستوى الضوضاء في الملاعب بشكل عام كان بين 104 و 112 ديسيبل، وهي أرقام تتجاوز الحد الموصى به (وهو ما لا يزيد عن 85 ديسيبل ولمدة 40 ساعة في الأسبوع) بشكل كبير.

 عاملان أساسيان يتوقف عليهما تأثير الصوت والضوضاء على حاسة السمع

ويتوقف مدى تأثير الصوت العالي والضوضاء على صحة الأذن وحاسة السمع لدى الإنسان على عاملين أساسيين، هما: 

  1. مدى ارتفاع الصوت (مستوى الضوضاء)
  2. والمدة الزمنية التي تم التعرض فيها لذلك الصوت

وقد تكون قد سمعت مسبقاً بأن الصوت المرتفع جداً قد يؤثر سلباً على حاسة السمع لديك، ولكنك على الأغلب لم تسمع بأن مدة الاستماع للأصوات كذلك تعد عاملاً مهماً لسلامة الأذن وحاسة السمع.

إذ إن الأدلة الحديثة تُشير إلى أن الضوضاء المعتدلة كذلك قد تلحق الضرر بالأذن وحاسة السمع إذا ما تم التعرض لها لفترة زمنية طويلة، أكثر مما هو موصى به.

وبالتالي كلما استمع الإنسان أكثر للمحتوى الصوتي عبر الأجهزة الإلكترونية المختلفة مثل السماعات وما شابه، كلما زاد الضرر الذي تلحقه بالسمع.

فقدان السمع الناتج عن الضوضاء يحدث بشكل تدريجي

ومما يجب معرفته في هذا الخصوص، هو أن فقدان السمع الناتج عن الاستماع للأصوات ذات التردد العالي، أو الاستماع للأصوات الصاخبة لفترات زمنية طويلة لا يحدث بشكل آني ومباشر، وإنما يحدث بشكل تدريجي وعلى المدى الطويل.

أي أنّ فقدان السمع يبدأ بالحدوث رويداً رويداً دون أن يشعر بها الإنسان، حتى يصل في النهاية لدرجة يؤثر بها على فهم الكلام، وعلى جودة الحياة اليومية الشخصية.

وهذا قد يصعّب عملية التوعية بهذا الأمر، ويصعب توجيه الشباب لاتباع العادات السليمة والآمنة للاستماع، لأنهم لا يرون تأثيراً سلبياً مباشراً وآنياً.

كيف يمكن الوقاية من فقدان السمع الناتج عن الضوضاء

بعد ما ذكرناه في الأعلى، قد يتساءل أحدهم: هل هذا يعني أنه يجب الامتناع عن الاستماع للمواد الصوتية عبر الأجهزة الإلكترونية المختلفة بشكل كامل؟

وبالطبع ليس هذا ما قصدناه، وما نوصي به، وإنما غايتنا هي زيادة الوعي بمشكلة فقدان السمع الناجم عن الأصوات العالية والضوضاء، ودعوة الناس إلى التزام عادات الاستماع الآمن، واتباع المعايير الموصى بها من قبل المنظمات الصحية، واستخدام الأجهزة الإلكترونية بعقلانية.

أي أنه لتجنب التعرض لهذه المشكلة، والوقاية منها قدر الإمكان يجب علينا الوعي بعادات الاستماع لدينا، ومحاولة تقنينها ووضعها ضمن الإطار الصحيح والسليم الموصى به.

فما هي عادات الاستماع الآمن الموصى بها من قبل المنظمات الصحية المختلفة؟

عادات وممارسات الاستماع الآمن

خفض مستويات الصوت

أول ما ينبغي الاعتناء به، ومحاولة السيطرة عليه، هو مستوى الصوت الذي نستمع إليه، فهو العامل الأهم والأخطر في هذه المعادلة.

والقاعدة العامة التي يمكن الالتزام بها لمحاولة خفض الصوت لمستويات آمنة هي: لا يجب أن يسمع الشخص الذي بجوارنا ما نستمع إليه عبر سماعاتنا.

والطريقة الثانية التي يمكن من خلالها تحديد مستويات الصوت الآمنة يكون بتجنب تجاوز حد الـ 60% من الحد الأقصى للجهاز الذي نستعمله.

وتحدد بعض المؤسسات والمنظمات الطبية 80 ديسيبل كحد أقصى لمستوى الضوضاء الموصى به، إذ ينصحون بتجنب الاستماع للأصوات التي تتجاوز ذلك الحد قدر الإمكان.

استخدام سماعات جيدة وعازلة للضوضاء الخارجية قد يقلل من الحاجة إلى رفع الصوت لمستويات عالية لتفادي التشويش الناجم عن الضوضاء.-رسالة معلومات-

تقليل مدة الاستماع للأصوات خلال اليوم

والأمر الثاني الذي ينبغي العناية به، هو تقليل الفترة الزمنية التي يتم فيها الاستماع للمواد الصوتية والتعرض للضوضاء الخارجية قدر الإمكان خلال اليوم.

والمدة الزمنية الموصى بها خلال اليوم تختلف باختلاف مستويات الصوت، فبالنسبة للأصوات التي تقل مستوياتها عن 80 ديسيبل تنصح منظمة الصحة العالمية بمدة 40 ساعة أسبوعياً، أي بحدود 8 ساعات يومياً.

وبالنسبة للأصوات التي تصل إلى مستويات 92 ديسيبل على سبيل المثال تنخقض المدة الموصى بها إلى ساعتين ونصف، وللأصوات التي تصل إلى مستويات 100 ديسيبل تنخفض المدة 15 دقيقة فقط.

 تجنب الأوساط الصاخبة والتعرض للضوضاء

والأمر الآخر الذي يمكن القيام به للوقاية من فقدان السمع الناجم عن الضوضاء والأصوات العالية هو تجنب الأماكن المزدحمة والصاخبة قدر الإمكان.

ولتجنب الضوضاء في مثل هذه الأماكن يُنصح باستخدام سدادات الأذن، أو حتى باستخدام سماعات الرأس التي قد تساعد على خفيف الضغط على الأذن قدر الإمكان.

كما يُنصح بتجنب الجلوس بجانب أنظمة الصوت ومصادرها في أماكن الاحتفالات والمناسبات.

خلاصة المقال

تعد مشكلة فقدان السمع بسبب الضوضاء والأصوات العالية مشكلة شائعة الانتشار في وقتنا الحالي، ويزداد عدد المصابين به زيادة كبيرة ومستمرة، وهذا الأمر يوجب علينا سواء كأفراد أو كمنظمات أو كحكومات اتخاذ تدابير وقائية واحترازية.

وهنا في هذه المشاركة قم بإلقاء الضوء على هذه المشكلة وعلى سبل الوقاية منها، كخفض الأصوات، وتقليل فترات الاستماع لها، وتجنب الأماكن المزدحمة ومصادر الصوت.

ومما يجدر الإشارة إليه أن بعض الأشخاص قد يكونون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بفقدان السمع الناجم عن الضوضاء والأصوات العالية، وذلك بسبب الاستعداد الوراثي لديهم، أو بسبب إصابتهم ببعض الأمراض المزمنة مثل السكري وغيره، أو بسبب تعرضهم لدخان السجائر، حيث تزيد هذه العوامل وغيرها من خطر الإصابة بفقدان السمع.

وهذا يوجب عليهم مزيداً من الاعتناء والاهتمام بعادات الاستماع لديهم.

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

الاشتراك في القائمة البريدية

يمكنك الانضمام إلى قائمة أصدقاء اقرأ فكرة ليصلك إشعار بكل ما يتم نشره من مواضيع الثقافة الصحية.

https://www.iqraafikra.com/